كتب هذه المقالة محمد قاعود. مدرب معتمد من الأكاديمية الدولية لعلوم الرياضة و المؤسسة الأسترالية للفتنس

أريد ان ابدأ بالأجابة عن السؤال في عنوان المقالة , ما هي أفضل مواعيد تتناول فيها طعامك للتخسيس ؟

الحقيقة أن مواعيد الوجبات قد تكون لها تأثير ملموس لبعض الفئات من الرياضيين. مثل هؤلاء الذين يتمرنون مرتين يوما . أو من يتناولون رجيم شديد الأنخفاض في السعرات الحرارية . او الرياضيون المحترفون الذين يتمرنون بعنف ساعات طويلة.

و لكن بالنسبة لنا في مجال الفتنس و تمارين الحديد التي تأخذ في حدود ساعة زمن , فأن تناول 3-4 وجبات بها ما تحتاجه من سعرات و بروتين و كاربوهيدرات هو أهم عامل لتغيير مكونات جسمك و لمدك بالطاقة في التمرين بغض النظر عن مواعيد هذه الوجبات. أما مواعيد الوجبات ليس له أي تأثير كبير.  و هذا شئ حقيقي طالما لا تفعل شئ شاذ , مثل أن تتمرن على معدة فارغة ثم تظل على معدة فارغ 6 ساعات اخرى بعد التمرين.

كل ما أنصح به , هو ان تتناول وجبة أفطار غنية بالبروتين و الحبوب الكاملة لمدك بالطاقة في عملك و دراستك و لمنع الجوع اثناء النهار . و تناول وجبة غنية بالبروتين و الكارب , أما قبل التمرين ب2-3 ساعات أو وجبة كبيرة بعد التمرين . ووجبة غنية بالبروتين قبل النوم تساعدك على الشبع و تمدك بالأحماض الأمينية أثناء 8 ساعات صيام. لا يوجد شئ معقد في هذا الأمر .

و لكن اليوم نتكلم عن شئ مختلف , و هو الفارق بين مواعيد الطعام الثابتة , و بين تناول الطعام في أوقات عشوائية (حسب ظروفك و مزاجك يعني).

ما هو تثبيت مواعيد الطعام ؟

هو أن تتناول الأفطار يوميا في ساعة محددة , ثم الغداء و بقية الوجبات في ساعات محددة مسبقا و شبه ثابتة يوميا.

ما هي مواعيد الطعام العشوائية ؟

هي مثلا ان تستيقظ , و تهمل وجبة الأفطار لأنك لا تشعر بالجوع وقتها. ثم تتناول سناك في وقت لاحق , ثم وجبة غداء مع اصدقائك في المطعم. ثم وجبة أخرى على العشاء , و ربما تستيقظ من النوم و تتناول سناك صغيرة تساعدك على العودة للنوم مرة أخرى. و اليوم التالي تتناول الطعام في مواعيد مختلفة عن اليوم السابق. و هذا ما يسميه العلماء بتناول الطعام طبقا ل “الرتم الأجتماعي” و ليس “الرتم البيولوجي” Circadian Rythm .

فساعتنا البيولوجية أيضا تنظم عمليات تناول الطعام و عملية هضمه و عمل الأعضاء الداخلية كالكبد و الكلى للتعامل مع الطعام . و لهذا يصاب البعض بعسر الهضم مع تناول وجبة كبيرة قبل النوم , بسبب عدم أستعداد الجسم لوجبة كبيرة في هذا الوقت. و لهذا السبب فأن نسبة كبيرة من العاملون بالورديات الليلية مصابون بالسمنة . بسبب أضطراب مواعيد وجباتهم .

و يجب العلم أني في هذه المقالة أقارن بين طريقتين لتناول الطعام , بنفس كمية السعرات الحرارية. فالسؤال هنا :  أذا تساوت السعرات الحرارية و نوعية الطعام بين الطريقتين , و هي طريقة تناول الطعام بأنتظام و بعشوائية , أيهم يحقق نجاح أفضل للتخسيس على المدى البعيد ؟

الدراسة :

و هذا هو السؤال الذي تجيب عليه دراسة نشرت في يونيو 2016 ( من حوالي شهر).  فقد أراد العلماء معرفة إذا كان تناول الطعام في مواعيد عشوائية يؤثر على معدل الأيض الغذائي و التأثير الحراري للطعام (كمية السعرات التي يستهلكها الجسم لهضم الطعام Thermic effect of food ) و تمثيل الكاربوهيدرات و مستويات الجوع و باكتيريا المعدة.

 قام العلماء بالتجربة على 11 سيدة . فتم أرسال لهن طعامهن لمدة 14 يوم و طلب منهن تناوله في أوقات محددة . ثم كرروا نفس التجرب في وقت لاحق و تركوا لهن حرية تناول نفس كمية الطعام (و السعرات الحرارية) في أي وقت يحلو لهن.

تم قياس معدلات الجلوكوز و الأنسولين و معدل الأيض الغذائي و مستويات الشبع و مؤشرات حيوية أخرى . أثناء فترة تناول الطعام بأنتظام أو بعشوائية.

النتيجة :

1 – وجد العلماء أن في حالة تثبيت مواعيد الطعام , يزيد التأثير الحراري للطعام TEF . أي أن الجسم وقتها يستهلك سعرات أعلى لهضم الطعام. و هذا يعني معدل أيض غذائي أعلى على مدار اليوم.

2 – لا يوجد فارق بين الطريقتين في التأثير على باكتيريا المعدة

3 – حساسية أعلى للأنسولين (تمثيل أفضل للكاربوهيدرات) مع تناول الطعام في مواعيد منتظمة

4 – شعور أكبر بالشبع مع تناول الطعام في مواعيد منتظمة.

دراسة أخرى أجريت في King’s college في لندن , وجدت أن تناول الطعام بطريقة عشوائية يزيد من الأصابة بالسمنة و داء السكري نوع 2 و أرتفاع ضغط الدم  و الكوليسترول. و تزيد هذه المخاطر كلما زادت عشوائية مواعيد تناول الوجبات .

ما أنصحك به الآن :

بعد قراءة هذه الدراسة الهامة , أنصحك بتغيير بسيط و لكن تأثيره الأيجابي كبير. و هو أن تتناول وجباتك يوميا في مواعيد ثابتة . قدر المستطاع بالطبع . لو تغييرت ظروف يومك , فحاول أن تتناول الطعام في أوقات شبيهة بظروفك وقت أستقرارك في المنزل.

عند بداية يومك , اكتب مواعيد تناولك للطعام في ورقة أو على الموبايل. و ألتزم تماما بهذه المواعيد. فالعديد من الأشخاص يأكل وجبات كبيرة أثناء النهار كلما يشعر بالجوع . و هذا لا يترك له أي مساحة لتناول المزيد من الطعام في النصف الثاني من اليوم. و بالتالي يضطر للخروج عن الدايت بسبب شدة الجوع في المساء.

لا تقع في فخ ال snacking  و هو تناول السناكس كلما تشعر بالجوع . الجوع شعور طبيعي يفرزه الجسم أثناء عملية حرق الدهون . لا تعامل الجوع على أنه مشكلة طارئة يجب أن تقضي عليها عن طريق تناول السناكس . فمحاولتك الدائمة لأطفاء هذا الجوع يكون أشبه بمحاولة وقف عملية حرق الدهون . و هو أيضا يضعك في خانة تناول الطعام بشكل عشوائي و يسبب المشاكل السابق ذكرها . و لكن هذا لا يعني أن السناكس شئ سئ في المطلق . فطالما العملية منظمة و محسوبة و لا تسرف فيها , فالسناكس قد تساعدك على الالتزام بالدايت .

egy-fitness-final-1