كتب هذه المقالة محمد قاعود. مدرب معتمد من الأكاديمية الدولية لعلوم الرياضة و المؤسسة الأسترالية للفتنس

معظم مواقع الفتنس و التغذية الغربية التي اتابعها عندها هوس بما يسمى بالماكروس , أو ال Macronutrients . و هي جرامات البروتين و الكاربوهيدرات و الدهون المطلوبة يوميا للأنسان (الكحول ايضا Macronutrient ). و أهتمام هذه المواقع بما يسمى بالMicronutrients ضئيل جدا . (لاحظ الفارق بين كلمتي Macro و Micro ) .

 و عندما تتناول المواقع العربية موضوع الفيتامينات . فهي تتناوله بتسفيه . فنجد المواقع و المجلات العربية تتكلم عن ان فيتامين كذا يحسن البشرة و فيتامين كذا يقوي الشعر ..الخ . و في أحسن الأحوال يقولون أن الفيتامينات “مفيدة” . و كأنها شئ اختياري يمكننا أن نعيش بدونها .

الMacronutrients  هي المغذيات التي نحتاج كميات كبيرة نسبيا منها , تقاس هذه الكميات بالجرامات. مثل الشخص الرياضي الذي يسير على دايت تخسيس يحتاج إلى 2.5 جرام بروتين لكل كجم من وزن الجسم  , أو أننا نحتاج إلى أن تشكل الدهون 15% من سعراتنا على الأقل..و هكذا.

المياة بالرغم من حاجتنا لها , إلا أنها ليست Macronutrient  لأنها لا تحتوي على غذاء و لا طاقة. أما الكحول يعتبر ماكرو بالرغم من عدم حاجة الجسم له. و هذا لأن الجرام منه يحتوي على 7 سعرات حرارية.

ما هي الMicronutrients ؟

أما ال Micronutrients  فهي المغذيات التي نحتاجها بكميات ضئيلة نسبيا, تقاس هذه الكميات بالميكروجرام أو الملليجرام . مثل الفيتامينات و المعادن و ال phytochemicals  .  (ال Phytochemicals أو ال Phytonutrients هي مواد موجودة بالخضروات و الفاكهة و الحبوب و النباتات بشكل عام , تسمى أحيانا بمضادات الأكسدة. هذه المواد مسئولة عن لون و رائحة الفاكهة و الخضروات. و لها فوائد عدة للصحة . و لكنها ليست essential ضرورية مثل الفيتامينات و المعادن. تم التعرف على حوالي 4000  phytochemical و لكن تم دراسة عدد قليل منهم .)

و بالرغم من أن ال Micronutrients نحتاجهم بكميات ضئيلة , ألا أنهم يلعبون دور مصيري في عملية التمثيل الغذائي و تحويل الطعام إلى طاقة و منع الأمراض و و تنظيم نبضات القلب و الحفاظ على كثافة العظام و التركيز و صحة الجلد و الشعر و جودة الحياة بشكل عام.

النقص مدة طويلة في الفيتامينات و المعادن يؤدي إلى الأصابة بأمراض خطيرة (الأسقربوط ,الأنيميا ,هشاشة العظام , السرطان على سبيل المثال لا الحصر) و تباطؤ نمو الأطفال و تشوه الجنين و صعوبة في التخسيس أو بناء العضلات , و الوفاة في نهاية المطاف إذا زاد هذا النقص عن حده.

إذا كانت المعادن و الفيتامينات بهذه الأهمية الكبيرة , لماذا لا نرى أهتمام بها من مواقع التغذية الغربية ؟ معظم ما أراه في هذه المواقع هو الأهتمام بكمية البروتين المثلى للرياضي , توزيع البروتين على مدار اليوم , توقيت تناول الكاربوهيدرات , نوعية الدهون التي يجب أن نتناولها ..ألخ

أما عندما يتكلمون عن ال Micronutrients , فهم يقولون : ركز على تناول الخضروات و الفاكهة و الألبان و الحبوب الكاملة و اللحوم ..الخ  و تناول أيضا مالتي فيتامين حتى يغطي أي عجز محتمل في أي فيتامين أو معدن لا تحصل عليه من الدايت . هذا أن تكلموا عنها من الأساس..

و هذا المنهج تأثرت أنا به أيضا , فأغلب ما كتبت عنه في موقع Egyfitness.com هي مقالات عن ال Macronutrients (البروتين و الكارب و الدهون) . و أعطي نفس النصيحة الغربية في مقالاتي أو للمتدربين معي , أن يختاروا الأطعمة الصحية و الخضروات و الفاكهة عند تشكيل نظامهم الغذائي , و أن يتناولوا المالتي فيتامين لتغطية العجز المحتمل , أو ك”شبكة أمان” كما يقال. كتبت مقالة واحدة فقط عن 10 فيتامينات هامة للتخسيس و بناء العضلات.

لماذا لا يكفي المالتي فيتامين ؟

هذه النصيحة (التركيز على الطعام الصحي و تناول المالتي فيتامين) , و أن كانت جيدة و منطقية , إلا أنها ليست كافية في بعض الحالات . على سبيل المثال , أحتياج الرجل البالغ من الكالسيوم هو 1000 مجم يوميا , و المالتي فيتامين به 50 إلى 150 مجم فقط من الكالسيوم . فيجب التنبيه أن الأنسان في حاجة لتناول حصتين او ثلاثة من الألبان يوميا . فالجسم سوف يعوض العجز في الكالسيوم عن طريق أذابة عظام الجسم و أستخلاص الكالسيوم منها.

الرجل البالغ يحتاج إلى 400 مجم من الماجنيسيوم يوميا . و المالتي فيتامين به 100 مجم فقط. و بالتالي يجب تعويض البقية من الدايت.

أما الحديد الموجود بالمالتي فيتامين , فهو حديد نباتي Non-Heme Iron . و امتصاص الجسم لهذا النوع من الحديد أقل 3 مرات من أمتصاصه للحديد الحيواني Heme Iron . و بالتالي يجب تناول اللحوم يوميا أو مكملات الحديد . و هذه نصيحة هامة للسيدات اللائي يحتجن كميات حديد أكبر من الرجال بسبب فقدانهن للدم بصورة دورية. يجب التنويه أيضا أن المالتي فيتامين المخصص للرجال مختلف عن المخصص للسيدات أو الأطفال أو كبار السن . بسبب أختلاف حاجة كل منهم للفيتامينات و المعادن.

فيتامين دي Vitamin D, من الصعب تحصيله من المالتي فيتامين و الطعام معا . يجب التعرض للشمس يوميا حتى يفرز جسمك هذا الفيتامين و يتم أمتصاص الكالسيوم بصورة صحيحة. أو تناول مكمل لفيتامين D .

و هذه مجرد أمثلة توضح لنا أن المالتي فيتامين غير كافي في حالات عدة . بالأضافة طبعا إلى صعوبة أمتصاص بعض الفيتامينات من المالتي فيتامين , أو رداءة مكونات المالتي فيتامين , و الغش في كميات الفيتامينات و المعادن به .

و لهذا قررت أن ابدأ سلسلة طويلة للحديث عن الMicronutrients . و كيف يمكننا تحقيق الكميات المطلوبة من هذه المغذيات من أجل حماية صحتنا و تحسين جودة حياتنا و حمايتنا من الأمراض. هذه السلسلة قد تأخذ مني شهور . و لكني سوف أحرص على تغطية الموضوع بالكامل في صورة مبسطة و مناسبة لل”طالب المتوسط”.

هل تتذكرون المهرج الذي وضع هذا الدايت على صفحة رياضية شهيرة على الفيس بوك ؟ أرجو أن ترسلوا له رابط هذه السلسلة لعله يتوب عن بث الضرر و التخلف و الجهل بين 5 مليون متابع له .

 دايت جيم ايجبت

دعوني أحكي لكم عن قصة ملائمة لهذه السلسلة . أرويها لكم على لسان مايك دولسي Mike Doce , و هو أشهر مدرب لأبطال الUFC (مسابقة قتالية عالمية) :

مايك دولسي UFC

“قديما كان وزني  130 كجم , و كانت أكبر أهدافي كلاعب رفع أثقال محترف أن أكتسب أكبر قوة ممكنة . و في أحدى الأيام عندما كنت في منتصف العشرينيات من العمر , كنت أجرى فحوصات في عيادة طبية, وجدت أرتفاع كبير في الكوليسترول و ضغط الدم و أرقام أخرى سيئة  تؤشر بقدوم أمراض خطيرة.

كيف حدث هذا ؟ لقد كنت أتمرن بشكل منتظم منذ كان عمري 13 عام . كنت أتناول كل شئ و أتناول العديد من المكملات كالحصان. صحيح لم يكن طعامي صحي بالكامل , و لكنه كان أكثر صحة مما يتناوله معظم الناس. كنت أتناول نسب ممتازة من البروتين و الكاربوهيدرات و الدهون الصحية ( Macros) .

أتضح لي أني كنت أعيش كذبة . بالرغم من زيادة حجمي العضلي و زيادة قوتي إلا أني كنت أقصف سنوات من نهاية عمري. و العديد من الرياضيين يرتكبون نفس الخطأ الذي أرتكبته, و لكن لا يشعرون به الآن.

فأخذت قراري بأن أعيش حياة صحية و أعيش نشيط و منتج . و في نفس الوقت أغذي جسمي حتى أتفوق في رياضتي.”

ثم بدأ مايك دولسي في شرح أهمية ال Micronutrients   للصحة و للأداء الرياضي و التركيز . و كيف أننا كبشر نعلم بفوائد الفيتامينات و المعادن و نتغاضى عن تطبيق ما نفهمه . و بدأ مايك بعد ذلك في انتهاج نظام غذائي صحي يعتمد على الخضروات و الفاكهة و الحبوب الكاملة مع المقاتلين الذين يدربهم .هؤلاء المقاتلون  تفوقوا في قتالهم و فازوا بالبطولات بسبب تحسن صحتهم و قوتهم من تناول الطعام الصحي.

و بالفعل , مهما تكلمت (أنا محمد قاعود) عن فوائد الفيتامينات و المعادن , و بالرغم من معرفة الناس بهذه الفوائد , فلا أحد يأكل الخضروات و الفاكهة بشكل كافي. لقد رأيت العديد من الأنظمة الغذائية لأشخاص أدربهم , و بالرغم من نصحي لهم بتناول هذه الأطعمة , إلا أنه نادرا ما أراهم يختارونها ضمن نظامهم .

ربما لأن سرد فوائد الفيتامينات و المعادن غير كافي لأقناع الناس بتناول الطعام الصحي . و بناءا عليه , فقد قررت أن ابدأ هذه السلسلة بأشهر أمراض ناجمة عن نقص الفيتامينات و المعادن . فربما تكون الأضرار الناجمة من نقص الفيتامينات سببا أقوى لأن نبدأ في تناولهم.

أكتشاف الفيتامينات حدث بسبب ظهور الأمراض قديما على الأشخاص الذين لا يتناولوا نظام غذائي متنوع . مثل البحارة و المستكشفين الذين مكثوا في البحار و أماكن نائية فترات طويلة بدون خضروات أو فاكهة أو ألبان . و هذا جعل العلماء يشكون في أن بالأطعمة مغذيات صغيرة نحتاجها للحفاظ على صحتنا . و فاز العديد من العلماء بجائزة نوبل لأكتشافهم العلاج للعديد من الأمراض عن طريق تناول أطعمة معينة .

بقية المقالة في الصفحة التالية , أضغط هنا للأنتقال

egy-fitness-final-1